السعودية تقر حقوق جديدة لكبار السن في المملكة تتضمن تغريم وسجن كل من يتعامل مع كبار السن بهذه الطريقة

أقرت السلطات السعودية نظام شامل لحماية كبار السن وتعزيز حقوقهم، يتضمّن عقوبة السجن لمدة تصل إلى سنة واحدة وغرامة مالية قد تبلغ نصف مليون ريال ضد أي من أفراد الأسرة أو غيرهم يتصرف بأموال كبير السن دون موافقته أو يسيء إليه بطريقة مخلة بالشرف أو يتخلى عن رعايته.

السعودية تقر حقوق جديدة لكبار السن في المملكة

ويعد هذا النظام ترجمة لجهود المملكة في تجسيد قيم الكرامة والإنسانية تجاه الفئة العمرية التي بلغت ستين عام فأكثر، ضمن منظومة قانونية متكاملة تضع ضوابط صارمة للتعامل مع حقوقهم.

وجاءت هذه الخطوة في إطار نظام حقوق كبير السن ورعايته الذي أصدر بموجب مرسوم ملكي، والذي يشكل مرجعية ترتكز على مسؤولية الأسرة والدولة معا في رعاية كبار السن وضمان تمتعهم بحقوقهم الاجتماعية والصحية والمالية.

وقد حددت مواد القانون شروط التصرف في أموال كبار السن والمعاقبة على المخالفين، بما يعكس التزام الدولة بحماية هذه الفئة من الاستغلال أو الإهمال.

بنود رئيسية في القانون الجديد

ينص النظام على أن كبير السن محتاج إذا كان غير قادر جزئيا أو كليا على تأمين ضروريات حياته، سواء لأسباب مالية أو جسدية أو عقلية، ويحدد العائل المسؤول وفقا لتسلسل معين بين أفراد الأسرة.

كما يكفل له الحق في العيش مع أسرته التي تتحمل إيوائه ورعايته، ولا يجوز إدخال كبير السن إلى دور رعاية دون موافقته أو حكم قضائي، إلا في حالات الطوارئ التي تهدد حياته أو سلامته.

من بين المواد التي لاقت أهمية كبيرة المادة الخامسة عشرة التي تحظر التصرف في أموال كبير السن دون موافقته، أو الإخلال بحمايته عمد من قبل من أوكلت إليهم سلطة التصرف.

المخالفون لهذه المادة قد يعرضون أنفسهم إلى عقوبة السجن حتى سنة وغرامة تصل إلى 500 ألف ريال، حسب الأجزاء التنفيذية لنظام الرعاية، وفي حالة التكرار قد تتضاعف العقوبة، دون تجاوز الحدود القصوى المنصوص عليها.

كما يمنح القانون بطاقة امتياز كبار السن التي تسهل حصولهم على خدمات الأولوية، وخصومات في بعض الرسوم الحكومية أو تقدمها الجهات بسرعة مضاعفة، إضافة إلى تمكينهم من التمتع بحقوقهم المادية والصحية والاجتماعية في إطار الكرامة والاستقلال.

دوافع التشريع وأثره الاجتماعي

يعزى صدور هذا القانون إلى تزايد الاهتمام في المملكة بتوفير بيئة تشريعية تحمي كبار السن من أشكال الاستغلال أو الإساءة، وتجسد التزام رسمي تجاه الفئة التي أسهمت في بناء الوطن.

ويأتي التشريع تزامن مع اليوم العالمي لكبار السن كمناسبة للتأكيد على حقوقهم ورفع الوعي المجتمعي.

من المتوقع أن يعزز القانون ثقافة الاحترام والرعاية داخل العائلات، ويحد من حالات استغلال الأموال أو إساءة التصرف من قِبل الأقارب الذين قد يستولون على أصول المسن دون مراجعة.

كما سيعزز دور الجهات الرسمية في مراقبة مدى التزام الأفراد بالمعايير القانونية، ورفع الدعوى بحق المخالفين، وبالتالي ترجمة الحقوق المكتوبة إلى حماية فعلية.

كما ينتظر أن يسهم التطبيق الفعال للنظام في تشجيع كبار السن على الإبلاغ عن أي انتهاك لحقوقهم، دون الخوف من العزل الاجتماعي، إذ يضمن القانون آليات جنائية ومدنية لمعالجة الانتهاكات.

على الرغم من المزايا التي يحملها النص القانوني، فإن تطبيقه يواجه تحديات عدة منها:

صعوبة مراقبة العلاقات الأسرية داخل المنازل، تحدي التحقق من موافقة كبير السن صراحة، والمسائل التي تتعلق بصلاحيات التقاضي داخل الأسرة، وإمكانية التنازع بين أفراد العائلة حول إدارة المال.

كما العائق الأكبر هو أن بعض المسنين قد يكونون غير قادرين على تقديم الشكوى أو المطالبة بحقوقهم بسبب ضعف في الإدراك أو التوجّه، مما يتطلب وجود آليات حماية وممثل قانوني يدعمهم.

من جهة أخرى، يجب تكامل الجهود بين الجهات المعنية: وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، النيابة العامة، الجهات القضائية، والمراكز المجتمعية، من أجل استقبال البلاغات والتحقيق فيها بسرعة، وتفعيل دور الرصد والتوعية في المجتمع بأهمية احترام حقوق المسنّين وعدم الإخلال بها.

كذلك، ينبغي تأهيل الجهات القضائية والفنية للتعامل مع قضايا كبار السن بحساسية خاصة، وضمان السرعة في إصدار الأحكام التي تحمي حقوقهم.

كما تحتاج الدولة إلى تكثيف برامج التوعية والتثقيف الأسري للمجتمع عامة، لتوضيح مضار التصرف بدون إذن أو الإهمال، وإرجاع المفهوم إلى أن رعاية الكبير واجب شرعي وإنساني وليس أمر اختياري.

يمثل هذا التشريع خطوة قانونية هامة تعكس التزام المملكة بحماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، وتأكيدها على أن كرامة الإنسان لا تقاس بسنه وإنما بحقوقه التي تستوجب الحماية.

ويبقى التحدي في التنفيذ الجاد وتفعيل الدور الوقائي والقضائي لضمان وصول العدالة لكل مسن يتعرض للإساءة، وأن تكون العقوبات رادعة لأي من تسول له نفسه التعدّي على حقوقهم ضمن إطار أسري أو غيره.

المصادر


• نظام حقوق كبير السن ورعايته – موقع القوانين السعودية (Legal Affairs Council)