الفرق بين حمصة بن القهوة السعودية في شمال ووسط وغرب السعودية وسبب اختلاف الوانها

الفرق بين حمصة بن القهوة السعودية في شمال ووسط وغرب السعودية
  • آخر تحديث

في المملكة العربية السعودية، تعد القهوة جزء من التراث والثقافة المرتبطة بالضيافة والكرم المتجذر منذ قرون.

الفرق بين حمصة بن القهوة السعودية في شمال ووسط وغرب السعودية 

ومع انتشار هذا التقليد، تبرز اختلافات ملحوظة في لون “الحمصة” (تحميص البن) حسب المناطق الجغرافية داخل المملكة، وهو ما يعكس اختلاف ثقافي وتقني في طريقة التحميص والإعداد بين الشمال، والوسط، والغرب، والجنوب.

ويعد هذا الاختلاف في اللون مؤشر على درجة التحميص وسهولة التفضيل بحسب الذوق المحلي.

وتشير المصادر المتخصصة إلى أن المنطقة الشمالية تميل إلى استخدام حمسة غامقة للبن، بينما تميل مناطق الوسط والغرب إلى حمسة متوسطة، في حين تلجأ المنطقة الجنوبية إلى تحميص فاتح للبن.

هذا التدرج في اللون نابع من العوامل الجغرافية، والعادات المحلية، والعلاقة بين الزراعة والطلب، وكذلك التفضيل الذوقي السائد في كل منطقة.

التدرج اللوني في حمصة البن بين المناطق

وفقا لما ورد في تقرير “رحلة حبة القهوة من الأشقر إلى الأسود”، فإن لون الحمصة يبدأ من الفاتح في الجنوب ويميل نحو الغمق كلما توجهنا شمال، ليصل في أقصى الشمال إلى تحول قريب من اللون الأسود تقريبا.

وتعرف القهوة التي تحضر في الشمال غالبا بلون “غامق” أو حتى أقرب إلى الداكن، نظرا لقدرة السكان هناك على تحميص البن لفترات أطول مقارنة بالنواحي الجنوبية.

أما في المنطقة الوسطى ونجد، فتكون الحمسة غالبا متوسطة؛ ولهذه الدرجة توازنيتها بين النكهة والحموضة، إذ يُرغّب لها بين الأسر وانتشارها بين القهاوي والمجالس الشعبية.

وتشير المصادر إلى أن الوسط غالبا ما يطبخ القهوة عبر غليها ومزجها بالبهارات بشكل معتدل، بحيث لا تكون داكنة جدا ولا خفيفة جدا، بل تندرج وسط الطيف اللوني للقهوة السعودية.

وفي الغرب (مدن مثل مكة، الطائف، جدة)، عادة ما تطبخ القهوة بحمسة متوسطة أو تميل إلى الفاتحة، مع استخدام إضافات مثل الهيل والمستكة، بحسب العادات المحلية لكل مدينة، لتعديل النكهة حسب الذوق السائد هناك.

أما الجنوب، خصوصا في مناطق زراعة البن مثل جازان وعسير، فيفضل كثير من الأهالي تحميص البن بدرجة خفيفة، ما يمنح اللون فاتح يعرف محليا بـ “الأشقر”.

هذا الأسلوب يتيح المحافظة على النكهات الأصلية للبن، وتقليل درجات المرارة التي قد تنشأ من تحميص عميق.

العوامل المؤثرة في اختلاف لون التحميص

  • التفضيل الذوقي المحلي
    • لكل منطقة ذوق موروث يعطي أولوية لدرجة لون محددة في القهوة؛ سكان الشمال قد يفضلون اللون الداكن والنكهات القوية، بينما الجنوبيون يميلون إلى اللون الفاتح والنكهة الخفيفة.
  • توفر البن المحلي
    • في الجنوب، حيث تزرع القهوة، يكون استخدام البن الطازج متاحًا، ما يشجع على تحميص خفيف للحفاظ على صفات الحبة.
    • أما في الشمال، قد تستخدم حبوب استوردت أو مخزنة، مما يدفع الاتجاه نحو تحميص أقوى لإبراز النكهة.
  • مدة التحميص ودرجة الحرارة
    • كلما طال زمن التحميص أو ارتفعت درجة الحرارة، ازداد تغميق اللون وظهرت طعم أقوى وربما مرارة أعلى. بينما التحميص القصير بدرجة معتدلة يعطي اللون الأشقر أو الفاتح.
  • المضافات والتوابل
    • في بعض المناطق تضاف إلى القهوة بهارات مثل الزنجبيل أو القرفة أو المستكة، وتقدر الكميات بحسب العرف المحلي بحيث تؤثر قليلا في اللون النهائي، لكنها تسهم في تحسين الطعم والرائحة.
  • الأسلوب الفني في الغلي والتحضير
    • طريقة الغلي، ومدة السكب، والتبرد أو التهوية بعد التحميص تؤدي إلى فرق طفيف في اللون النهائي، خصوصا عندما يكون التنفيذ على نار هادئة أو مُراقبة بشكل دقيق.

التأثير على النكهة والتفضيل بين المستهلكين

يعد اللون مؤشر أولي قد يوجه المستهلك لتوقع طعم القهوة؛ فحمسة فاتحة توحي بحموضة خفيفة ونكهات فاكهية أو عطرية، بينما الحمسة الداكنة قد تعطي نكهات أقوى مع احتمالية مرارة.

وفي بعض الحالات، يفضل بعض عشاق القهوة اللون الداكن لإحساس “القوة” أو الحضور في الفنجان.

كما أن الأشخاص الذين ينشأون في منطقة معينة يكونون ذوق يقارن بما اعتادوا عليه؛ فتجد أهل الجنوب أكثر تقبل للقهوة الخفيفة، بينما أهل الشمال يمدحون القهوة الداكنة التي يربطونها بالدفء والصلابة في الطعم.

التحديات في التوازن بين اللون والنكهة

يشكل ضبط التوازن بين اللون والنكهة تحدي بين الحساسيات العملية والمتطلبات التقليدية، فالبن المحمص خفيف قد يفقد بعض النكهة والكثافة المطلوبة لدى المستهلك، بينما المحمص الداكن قد يضغط على قوة النكهة إلى حد المرارة.

لذا يسعى بعض محمصي القهوة إلى تقديم درجات متوسطة ترضي أطياف واسعة من الذوق.

كما يواجه بعض المقهويين صعوبة في توحيد اللون بين دفعات التحميص، خاصة عند استخدام بن من مصادر متعددة أو تعاونيات من قرى مختلفة، ما يتطلب تدريب دقيق على مراقبة عملية التحميص.

بذلك، يمثل اختلاف لون حمصة البن في السعودية انعكاسًا حيًّا للتنوع الجغرافي والثقافي بين المناطق.

فاللون ليس مجرد مظاهر بصرية، بل هو مؤشر على التقاليد، والتفضيل، وتقنيات التحميص، والمكوِّن الأساسي الذي يحدد تجربة القهوة لكل منطقة.

وفي النهاية، تظل المتعة في الفنجان مرتبطة برغبة المتلذذ، الذي يختار لونه ونكهته وفق ذكرياته وثقافته.

المصادر


  • صحيفة الوطن: “رحلة حبة القهوة من الأشقر إلى الأسود” – alwatan.com.sa