السعودية تحذر من شراء او شرب هذا النوع من المياه المعدنية لعلامة تجارية شهيرة

السعودية تحذر من شراء او شرب هذا النوع من المياه المعدنية لعلامة تجارية شهيرة
  • آخر تحديث

تخيل أن الماء الذي يروي عطشك قد يخفي في داخله سم بطيئ يتسلل إلى جسدك دون أن تشعر، هذا هو الخطر الحقيقي الذي بدأت ملامحه تتكشف في المملكة العربية السعودية بعد أن أظهرت نتائج الفحوصات الرسمية وجود مستويات مرتفعة من مادة البرومات في عدد من مصانع تعبئة المياه.

السعودية تحذر من شراء او شرب هذا النوع من المياه المعدنية لعلامة تجارية شهيرة 

هذه المادة، التي تعد من المركبات المسرطنة وفق تصنيفات منظمة الصحة العالمية، أصبحت اليوم محور تحذيرات عاجلة من الهيئة العامة للغذاء والدواء، بعدما رصدت تجاوزات خطيرة لمستويات الأمان في أكثر من منطقة داخل المملكة.

مصانع مياه معبأة تحت المجهر

تشير تقارير الهيئة إلى أن منطقة نجران سجلت أعلى نسب تلوث بمادة البرومات، إذ بلغت تركيزات المادة في أحد مصانع المياه نحو 30 ملغم لكل لتر، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الحد المسموح به عالميا.

هذا الانتهاك دفع السلطات إلى إغلاق المصنع فورا واتخاذ إجراءات صارمة بحق القائمين عليه.

وفي محافظة الزلفي، تكررت الأزمة مع رصد مستويات مرتفعة من البرومات في مياه إحدى العلامات التجارية الشهيرة.

وتبين أن السبب الرئيس يعود إلى الاعتماد على مصادر مياه جوفية تحتوي على نسب عالية من أملاح البروميد، دون معالجة كيميائية كافية قبل التعقيم بالأوزون، مما أدى إلى تكوين البرومات خلال عملية التنقية.

البرومات القاتل الخفي في زجاجة الماء

تعد البرومات من المواد المؤكسدة الخطيرة التي تتكون غالبا نتيجة تفاعل الأوزون المستخدم في التعقيم مع أيونات البروميد الطبيعية الموجودة في المياه الجوفية.

تصنفها الهيئات الصحية العالمية كمادة مسرطنة من الدرجة الأولى، إذ تؤدي إلى تدمير الخلايا السليمة وتزيد احتمالات الإصابة بعدة أنواع من السرطان عند التعرض المستمر لها.

تزداد خطورتها على الفئات الأكثر حساسية، كالأطفال وكبار السن، حيث تتراكم ببطء في الجسم مسببة أضرار يصعب علاجها مع مرور الوقت.

الأضرار الصحية لتلوث مياه الشرب بالبرومات

  • تلف الكلى: تؤثر البرومات بشكل مباشر في النيفرونات، ما قد يؤدي إلى فشل كلوي مزمن.
  • اضطرابات عصبية: تسبب رعشة وارتباك ذهني نتيجة عبورها الحاجز الدماغي.
  • زيادة خطر السرطان: خاصة سرطان الغدة الدرقية والمثانة مع التعرض طويل الأمد.
  • اضطرابات هضمية: قد تظهر في شكل غثيان، إسهال، وتقلصات حادة بعد ساعات من استهلاك المياه الملوثة.

أسباب الأزمة

تعود جذور المشكلة إلى ثلاثة عوامل رئيسية ساهمت في تفاقم الأزمة:

  • أخطاء في عمليات التعقيم بالأوزون، حيث يؤدي التفاعل الكيميائي مع أملاح البروميد إلى إنتاج البرومات المسرطنة.
  • استخدام معدات قديمة لم تخضع للصيانة والمعايرة الدورية المطلوبة.
  • ضعف منظومة الرقابة الميدانية، إذ تجرى بعض الفحوصات بفواصل زمنية طويلة، ما يتيح المجال لتراكم الأخطاء دون اكتشافها في الوقت المناسب.

الهيئة العامة للغذاء والدواء تتحرك

استجابة لحجم الخطر، أعلنت الغذاء والدواء عن خطة شاملة لمعالجة الوضع شملت ما يلي:

  • سحب آلاف العبوات من الأسواق خلال 24 ساعة من إعلان النتائج.
  • إغلاق فوري للمصانع المخالفة وفرض غرامات تصل إلى نصف مليون ريال.
  • زيادة وتيرة التفتيش المفاجئ على مصانع المياه عالية الخطورة.
  • إطلاق قنوات رقمية لتلقي البلاغات من المستهلكين مثل تطبيق "المنتج الآمن" و"بلاغ تجاري".

كيف تحمي نفسك وعائلتك من تلوث المياه؟

يمكن للمستهلكين تقليل المخاطر عبر اتباع خطوات بسيطة:

  • التحقق من وجود شعار الهيئة العامة للغذاء والدواء على العبوة.
  • تجنب شراء المياه المعروضة في أماكن معرضة للشمس أو بأسعار منخفضة بشكل غير مبرر.
  • استخدام تطبيق "المنتج الآمن" للتحقق من تراخيص المنتج.
  • الإبلاغ عن أي اشتباه عبر القنوات الرسمية.
  • الاستفادة من خدمات فحص عينات المياه المنزلية أو استخدام أدوات الفحص السريع المتوفرة في الأسواق.

دور المواطن في حماية الصحة العامة

المواطن هو خط الدفاع الأول في مواجهة تلوث مياه الشرب. فالإبلاغ عن المخالفات، ورفض شراء المنتجات المشبوهة، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع تمثل خطوات جوهرية لحماية الصحة العامة.

كما تتيح الأنظمة الحديثة مكافآت مالية لمن يقدم بلاغات صحيحة تؤدي إلى ضبط المخالفين.

نحو مستقبل آمن للمياه في المملكة

تمثل أزمة تلوث مياه الشرب درس مهم حول ضرورة تعزيز الرقابة وتطبيق المعايير الدولية بصرامة، فالماء ليس مجرد مورد طبيعي، بل هو أساس الحياة.

الحفاظ على جودته مسؤولية مشتركة بين الجهات الحكومية والمصانع والمستهلكين على حد سواء.

إن بناء منظومة مائية آمنة ومستدامة يتطلب وعي مجتمعي ورقابة مستمرة لضمان أن تظل كل قطرة ماء في المملكة نقية وآمنة للأجيال القادمة.