الدرعية: اطلاق مشروع تاريخي سيغير شكل المدينة ويعيد احياء آهم معالمها بتصاميم عصرية غير مسبوقة

أعلنت شركة الدرعية اليوم توقيع عقد جديد لتطوير الجامع الكبير ضمن المرحلة الثانية من مشروع الدرعية، بقيمة تصل إلى 917 مليون ريال سعودي، ويصل حجم البناء المخطط له إلى نحو 12,320 متر مربع، ليستوعب حوالي 11,400 مصلي، منهم 5,240 في المصلى الداخلي و6,160 في الساحات الخارجية.

اطلاق مشروع تاريخي سيغير شكل المدينة ويعيد احياء آهم معالمها بتصاميم عصرية غير مسبوقة 

يأتي هذا المشروع ضمن خطة ضخمة لإحياء المعالم التاريخية للدرعية ومنحها تصاميم معمارية عصرية ترسّخ هويتها بين التراث والحداثة.

وأوضحت الشركة، في بيان صحفي، أن التحالف الموقع يضم “المجال العربي” و”مان إنتربرايز السعودية”، ويتولى مهمة التصميم شركة معماريّة حائزة على جوائز عالمية، مع دمج عناصر مستوحاة من الطراز النجدي والهندسة الحديثة، وبما ينسجم مع بيئة وادي حنيفة المحيطة بها.

ويعد هذا الجامع جزء رئيس من مشروع البوابة الكبرى للدرعية، الذي يهدف إلى تحويل المدينة التاريخية إلى وجهة حضرية متكاملة تجمع بين السياحة والتراث والثقافة.

تفاصيل المشروع والمواصفات الفنية

المشروع الجديد سيشمل مرافق متكاملة إلى جانب مساحة الصلاة، تشمل مصليات للرجال والنساء، أماكن للوضوء، مكتبة بإطلالة على وادي حنيفة، ومكاتب تشغيل وإدارة، مع ساحات خارجية واسعة معدة لاستقبال المصلين في الأيام الكبرى مثل رمضان والأعياد، إضافة إلى فعاليات ثقافية تُقام في البيئة المحيطة.

وقد صمم الجامع ليحصل على شهادتي استدامة (LEED الذهبية ومستدام الذهبية) للمباني الخضراء، من خلال تقنيات مبتكرة مثل التهوية الشبكية ثلاثية الأبعاد التي تسمح بدخول الضوء الطبيعي وتقلل من اكتساب الحرارة، ما يسهم في توفير أجواء داخلية مريحة ومستدامة.

وكذلك، سيتكامل الجامع ضمن البنية التحتية الذكية لمشروع الدرعية، التي تشمل أنظمة للمياه والطاقة والسلامة والمراقبة، كلها متصلة بمركز عمليات مركزي لضمان كفاءة التشغيل والتكامل بين مرافق المشروع.

وفي سياق متصل، أعلنت شركة الدرعية أن الجامع الكبير سيكون أحد 31 مسجد مضمنة في الخطة العامة لتطوير الدرعية، ضمن مساحة إجمالية مخصصة للمرافق الدينية تبلغ نحو 74,300 متر مربع في المخطط العام للمشروع. كما يرتبط المشروع برؤية 2030، التي تطمح إلى جعل الدرعية وجهة تجذب نحو 50 مليون زيارة سنوية، وخلق فرص اقتصادية واجتماعية كبيرة.

البعد الاستراتيجي وأثر المشروع على الدرعية

يأتي هذا المشروع في وقت تحاول فيه السعودية تعزيز ملف السياحة الثقافية والتراثية، ولا سيما في المناطق التي تمتلك تاريخ عريق مثل الدرعية.

إن تطوير الجامع الكبير بهذا الحجم والمواصفات يعد إشارة مهمة إلى أن التطوير العمراني يمكن أن يواكب الحفاظ على الهوية، ويحول المدينة التاريخية من موقع تراثي جامد إلى مركز حياة وثقافة.

من الناحية الاقتصادية، يضاف المشروع إلى سلسلة استثمارات ضخمة يُنفذها صندوق الاستثمارات العامة في الدرعية، بهدف استيعاب أكثر من 100 ألف نسمة وخلق مئات الآلاف من فرص العمل، فضلا عن المساهمة في الناتج المحلي وتعزيز المحتوى المحلي.

أما من الناحية المجتمعية، فإن الجامع المرتقب سيعيد للدرعية دوره كمركز عبادة وتجربة روحية، مع إتاحة المساحات والفعاليات الثقافية المحيطة التي تجذب الزوار والمصلين لتجربة متنوعة لا تقتصر على الصلاة فقط، بل الثقافة والتفاعل الاجتماعي.

رغم الطموحات العالية للمشروع، هناك عدة تحديات قد تواجه التنفيذ:

• تكامل التصميم والتنفيذ: إن الجمع بين الطابع النجدي التقليدي والابتكارات المعمارية الحديثة يتطلّب تنسيق دقيق بين مهندسين محليين ودوليين، مع مراعاة التكيّف مع المناخ الصحراوي للرياض، خاصة في التقنيات المتعلقة بالتهوية والتظليل.
• الحفاظ على السياق التاريخي: المشروع يقع في محيط مدينة ذات تراث تاريخي عميق، لذا سيواجه مهمة الحفاظ على الهوية البصرية للمنطقة مع إدخال تصاميم عصرية، دون تشويه المشهد التاريخي.
• التمويل والتدفق المالي: الالتزام بالميزانية العالية (917 مليون ريال) يتطلب إشراف مالي دقيق ومتابعة مستمرة لضمان انضباط المصروفات وجودة التنفيذ.
• الإقبال والجاذبية: لكي ينجح المشروع كوجهة، يجب أن يقدم تجربة جاذبة تكمل الوظيفة الدينية من خلال الفعاليات، المساحات الخارجية، الخدمات المساندة، وربطها بخطة عامة للزوار.

من جهة أخرى، يمثل المشروع فرصة كبيرة لتعزيز مكانة الدرعية كمقصد سياحي وثقافي، وجذب الاستثمارات، وبث الحياة المعمارية في قلب المدينة التاريخية، مما يخلق نقطة جذب جديدة في خارطة العاصمة الرياض.

مع انطلاق المشروع التاريخي لتطوير الجامع الكبير في الدرعية، تتجه المدينة نحو تحول معماري وروحي يعيد إحياء أهم معالمها، ويمزج بين التراث والابتكار.

إذا جهز التنفيذ بنجاح، فقد يصبح هذا الجامع أحد أبرز الرموز المعمارية السعودية المعاصرة، وركيزة محورية في خطة جعل الدرعية وجهة حضرية متكاملة. 

المصادر



• الرياضية — “بـ 917 مليونا.. الدرعية تطور الجامع الكبير”

• الشرق الأوسط — الدرعية تحتضن الجامع الكبير بتصميم يجمع بين التراث والحداثة