التعليم تعلن تعديل هام في نظام حضوري يعدل ويحل مشاكل السبع ساعات لهذه الفئات من المعلمين والمعلمات

التعليم تعلن تعديل هام في نظام حضوري
  • آخر تحديث

قرار وزارة التعليم المتعلق باستمرار دوام المعلمين والمعلمات سبع ساعات يوميا أثار جدل واسع في الأوساط التربوية والإعلامية، وفتح باب للنقاش حول طبيعة عمل المعلم ودوره الحقيقي في العملية التعليمية.

التعليم تعلن تعديل هام في نظام حضوري

القضية ليست مجرد قرار إداري تنظيمي، بل ترتبط بعمق بجودة التعليم، وبمدى قدرة المعلم على أداء رسالته التربوية بكفاءة وحماس. وفيما يلي عرض موسع لمختلف أبعاد هذا الموضوع.

خلفية القرار وأهدافه الرسمية

وزارة التعليم أوضحت أن الهدف من تحديد ساعات الدوام هو ضمان الانضباط في المدارس وتحقيق الجاهزية الدائمة للمعلمين، إضافة إلى توفير وقت يمكن استثماره في أنشطة تربوية أو برامج داعمة للطلاب.

كما أكدت الوزارة أن هذا النظام يسهم في تنظيم العمل ويمنع التفاوت في الالتزام بين الكوادر التعليمية، بحيث يلتزم الجميع بساعات محددة تضمن انتظام العملية التعليمية وفق لوائح واضحة.

اعتراضات المعلمين ومبرراتهم

من جهة أخرى، عبر عدد كبير من المعلمين عن استيائهم من القرار، معتبرين أن طول ساعات البقاء في المدرسة لا يتناسب مع طبيعة عملهم، فالمعلم على عكس الموظف الإداري لا يقتصر عمله على الحضور الجسدي في مكان محدد، بل يتطلب جهد ذهني كبير في الإعداد، والتحضير، وتصميم الدروس، وتصحيح الواجبات والاختبارات، وهذه المهام غالبا ما تحتاج إلى بيئة هادئة خارج المدرسة.

المعلمون يشيرون أيضا إلى أن بقاءهم في المدرسة بعد انتهاء حصصهم لا يضيف قيمة حقيقية، بل يتحول إلى التزام شكلي يستهلك وقتهم وجهدهم بلا مردود تعليمي واضح.

هذا الأمر قد ينعكس سلبا على أدائهم داخل الفصل، حيث يفقدون جزء من حماسهم وتركيزهم نتيجة الإرهاق أو الإحساس بعدم جدوى الساعات الطويلة.

المقارنة مع القطاعات الأخرى

كثير من الأصوات داخل الميدان التربوي ترى أن مقارنة دوام المعلمين بموظفي القطاعات الإدارية أو الحكومية الأخرى غير عادلة.

فالمعلم يتعامل مع بشر، ويتفاعل مع الطلاب لحظة بلحظة داخل الصفوف، في حين أن الموظف الإداري يؤدي مهام مكتبية يمكن ضبطها بساعات عمل ثابتة.

طبيعة التدريس تتطلب مرونة أكبر، لأنها قائمة على الإبداع في الشرح والتواصل مع الطلاب، لا على مجرد الحضور والانصراف.

تأثير القرار على جودة العملية التعليمية

يرى التربويون أن إلزام المعلمين بساعات حضور طويلة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، أبرزها انخفاض مستوى الإبداع في إعداد الدروس، وتراجع قدرة المعلم على تطوير أساليب تدريس حديثة.

كما أن استنزاف وقت المعلم داخل المدرسة قد يحد من فرصه في متابعة التطورات التربوية أو المشاركة في دورات تدريبية تعزز من كفاءته.

إمكانية استثمار الساعات الإضافية

في المقابل، هناك من يعتقد أن وجود المعلم في المدرسة لوقت أطول قد يكون فرصة لتطوير أنشطة لامنهجية، أو لعقد اجتماعات تربوية بين المعلمين والإدارة، أو لتقديم حصص تقوية للطلاب.

غير أن هذا يتطلب تنظيم محكم وجدول واضح يضمن استثمار الوقت بشكل فعال، بدلا من إهداره في الانتظار دون مهام محددة.

الإجازات المدرسية بين الواقع والانطباع

المعلمون لفتوا إلى أن الإجازات التي يحصلون عليها ليست كما يتصور البعض بأنها مطلقة أو طويلة بلا قيود، بل هي مرتبطة بالتقويم الدراسي وتوقيت انتهاء العام الدراسي، هذا يعني أن المعلم يعمل ضمن إطار زمني صارم، ولا يتمتع بمرونة شبيهة ببعض القطاعات الأخرى.

الدعوات إلى المرونة وتبني التجارب الدولية

كثير من خبراء التعليم يقترحون مراجعة القرار وجعله أكثر مرونة، بحيث تربط ساعات الحضور بالجدول الدراسي الفعلي للمعلم.

كما أشاروا إلى ضرورة الاطلاع على التجارب الدولية، حيث تعتمد بعض الدول على أنظمة أكثر مرونة تتيح للمعلم إنجاز مهامه سواء داخل المدرسة أو خارجها، شريطة تحقيق الأهداف التعليمية المقررة.

هذا النهج قد يسهم في رفع كفاءة المعلم وتحفيزه على تطوير نفسه بدلا من استنزاف طاقته في ساعات حضور غير منتجة.

التوازن بين الانضباط والاعتبارات المهنية

المعادلة الصعبة التي تواجهها وزارة التعليم تتمثل في تحقيق التوازن بين الانضباط الإداري والاعتبارات المهنية للمعلمين.

فبينما تسعى الوزارة إلى فرض نظام موحد يضمن سير العملية التعليمية بانضباط، فإن المعلمين يؤكدون أن جودة أدائهم مرتبطة بمرونتهم وقدرتهم على إدارة وقتهم بما يتناسب مع طبيعة التدريس.

آفاق الحلول المستقبلية

المراقبون يرون أن الحل يكمن في صيغة وسط، تضمن التزام إداري يحافظ على انضباط المدارس، وفي الوقت نفسه تراعي احتياجات المعلمين المهنية.

ويمكن أن تشمل الحلول اعتماد أنظمة حضور مرنة، أو تخصيص جزء من الساعات الإضافية للتطوير المهني والدورات التدريبية، أو الاستفادة من هذه الفترة في تقديم خدمات تعليمية مساندة للطلاب.

الجدل الدائر حول دوام المعلمين ليس مسألة شكلية أو إدارية بحتة، بل قضية جوهرية تمس جوهر التعليم وجودته. فالمعلم هو محور العملية التربوية، وأي قرار يخصه ينعكس مباشرة على الطالب والمخرجات التعليمية.

ومن ثم، فإن مراجعة هذه اللوائح بروح من التوازن والمرونة قد تشكل خطوة مهمة في تحسين بيئة التعليم في المملكة، ودعم مستهدفات رؤية 2030 في بناء نظام تعليمي متطور يواكب احتياجات المستقبل.