السعودية: 9 آلاف ريال لأي مواطن او مقيم يستخدم هذه الاوامر في تطبيقات الذكاء الصناعي

9 آلاف ريال لأي مواطن او مقيم يستخدم هذه الاوامر في تطبيقات الذكاء الصناعي
  • آخر تحديث

تشهد المملكة العربية السعودية تطور متسارع في التشريعات الرقمية، وذلك لمواكبة التغيرات الهائلة التي فرضتها التقنيات الحديثة، خصوصا الذكاء الاصطناعي الذي بات قادر على إعادة إنتاج الصور بطرق واقعية ودقيقة للغاية.

9 آلاف ريال لأي مواطن او مقيم يستخدم هذه الاوامر في تطبيقات الذكاء الصناعي 

وفي هذا السياق، أعلنت الهيئة السعودية للملكية الفكرية عن قرار مهم يقضي بمنع استخدام الصور الشخصية أو التعديل عليها بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي ثم استغلالها لأغراض تجارية دون إذن صاحب الحق.

يأتي هذا القرار استجابة لحاجة ملحّة إلى حماية الأفراد من الانتهاكات الرقمية، ولضمان أن الخصوصية تبقى حق أصيل لا يمكن التفريط فيه.

أهمية الصورة الشخصية كحق إنساني

الصورة الشخصية ليست مجرد ملف رقمي أو صورة فوتوغرافية عابرة، بل هي انعكاس مباشر لهوية الإنسان وخصوصيته.

فهي تحفظ ملامحه وتفاصيله الفردية، وتشكل جزء أساسي من كيانه المعنوي والاجتماعي. ومن الناحية القانونية، تعتبر الصورة من الحقوق اللصيقة بالفرد، أي أنها تظل مرتبطة به ولا يجوز التصرف فيها أو استغلالها إلا بموافقته الصريحة.

ولأن هذه الصور قد تستخدم أحيانا دون علم أصحابها، فقد أصبح من الضروري أن يكون هناك إطار قانوني يحميها بشكل صارم.

مخاطر التلاعب بالصور عبر الذكاء الاصطناعي

تطورت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة بشكل مذهل، حتى بات في متناول أي مستخدم عادي القدرة على:

  • تعديل ملامح الوجه أو تغييره بالكامل.
  • دمج الصور مع أجساد أو سياقات أخرى غير مرتبطة بالشخص الأصلي.
  • استخدام الصور في محتوى ساخر أو مسيء، مما قد يضر بالسمعة.
  • إدراج الصور المعدلة في حملات دعائية أو إعلانات تجارية دون إذن.

هذه الممارسات قد تؤدي إلى أضرار جسيمة، منها تشويه السمعة، أو التربح غير المشروع على حساب الغير، أو حتى الاحتيال من خلال انتحال الهوية الرقمية.

القرار والجزاءات المترتبة

أوضحت الهيئة أن أي استغلال للصور الشخصية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، دون إذن صاحبها، يعد مخالفة صريحة للقانون، وقد تم تحديد غرامة مالية تصل إلى 9,000 ريال على من يثبت بحقه ارتكاب هذه الأفعال.

هذه الغرامة ليست مجرد إجراء مالي، بل هي رسالة واضحة للردع والتأكيد على أن الحقوق الرقمية محمية قانونيا، وأن الاعتداء عليها لن يمر دون محاسبة.

الأبعاد القانونية للقرار

القرار يعزز مكانة المملكة في مواكبة القوانين الدولية الخاصة بالملكية الفكرية والحقوق الرقمية. فهو يتوافق مع المبادئ العالمية التي تنص على حماية الحق في الصورة باعتباره أحد الحقوق الأساسية للإنسان.

كما أنه يتكامل مع الأنظمة السعودية القائمة، مثل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الذي يجرم أي محاولة لانتهاك الخصوصية باستخدام الوسائل التقنية الحديثة.

البعد التجاري والاقتصادي

في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في الإعلانات والتسويق، أصبح من الممكن استغلال صور أشخاص معروفين أو حتى مجهولين في حملات تجارية، دون الحصول على إذن مسبق.

مثل هذه الممارسات تعد خرق صريح للقانون، وقد تعرض الشركات والأفراد إلى المساءلة. لذلك، فإن أي جهة ترغب في استخدام صورة شخصية حتى وإن كانت معدلة مطالبة بالحصول على موافقة خطية أو تصريح قانوني من صاحب الحق.

البعد الأخلاقي والاجتماعي

إلى جانب الجوانب القانونية، هناك بعد أخلاقي لا يقل أهمية. احترام خصوصية الآخرين والتعامل مع صورهم باعتبارها جزء من كرامتهم الإنسانية هو مسؤولية مجتمعية قبل أن يكون التزام قانوني.

تعزيز هذا الوعي يسهم في بناء بيئة رقمية صحية وآمنة، حيث يستخدم الأفراد التقنية بثقة وطمأنينة، بعيد عن الخوف من الاستغلال أو التشويه.

الأثر المتوقع للقرار

من المتوقع أن يسهم القرار في:

  • رفع مستوى الوعي المجتمعي بحقوق الأفراد الرقمية.
  • تقليل حالات التلاعب بالصور الشخصية عبر المنصات الرقمية.
  • تعزيز ثقة المستخدمين في التقنيات الحديثة، مع ضمان وجود إطار قانوني يحميهم.
  • إرساء ثقافة احترام الخصوصية كقيمة أساسية في المجتمع.

يمثل قرار الهيئة السعودية للملكية الفكرية خطوة استراتيجية نحو حماية الأفراد من مخاطر الذكاء الاصطناعي غير المنضبط، فهو لا يقف ضد التطور التقني، بل يسعى إلى تنظيمه وتوجيهه بما يحقق الفائدة دون الإضرار بحقوق الآخرين.

في عالم رقمي تتسارع فيه الابتكارات، يبقى الأساس هو أن الإنسان وكرامته وحقوقه في صدارة الأولويات، لتظل التقنية أداة للبناء لا وسيلة للإساءة أو الاستغلال.